الخميس، 23 أكتوبر 2008

هل يمكن أن تزدهي بيئة الكويت من جديد؟!


ذات يوم (قبل حوالي أربعة أعوام) .. انتظرت ابن عمي في ساحة الجامعة لكي نذهب ونحتسي قليلا من القهوة . كنت جالسا أثناء ذلك على احد كراسي الساحة، وبقربي مجموعة من النباتات التي لم يساهم الانسان في زرعها. وقع نظري على زهرة ((النوير)) التي كانت تسطع كالشمس وفي اسفلها مجموعة من الوريقات اليابسة المبعثرة التي تغطيها الأتربة الرقيقة وتسير عليها طوابير من النمل والحشرات الصغيرة الاخرى، كان المنظر هادءا جدا حيث أخذت أحدق فيه لما يقارب النصف ساعة دون انقطاع، وقد كان رغم بساطته غاية في الروعة.

ان شوارعنا واماكننا العامة مليئة بالازهار المزروعة من قبل الانسان ولكنني لا أجد فيها اللذة التي وجدتها بذلك المنظر البسيط،، ربما كان السبب في ذلك فطرة الإنسان وحنينه الى الطبيعة . فعلى سبيل المثال نجد الأطفال ينجذبون الى الماء سواء عند استحمامهم او عند الذهاب الى الشاطيء، نجد الطفل الصغير يهرع راكضا الى مياه البحر، ففطرة الانسان في داخلة هي التي تحركة لينجذب الى مظاهر الطبيعة.

ان البيئة في الكويت مقسمة ما بين الصحراء والبحر، عند الذهاب الى الصحراء يمكننا التمتع بالمساحات الشاسعة التي تريح الأنظار وكذلك استنشاق الهواء العليل. ولكن مع الأسف الشديد كانت هذه البيئة أجمل مما هي عليه الآن بكثير، حيث كانت الاحياء المتنوعة من طيور و حيوانات وزواحف وأعشاب لم نعد نراها الآن . أما البحر الازرق بهوائه المنعش وصوت أمواجه الرائع فقد أصبح يعاني من التلوث وتملأ شواطئه النفايات.

تجتاح الانسان في كثير من الأحيان رغبة في أن يختلي بالطبيعة ليتأمل ما فيها من جمال، فأين يجد هذا الجمال؟ لو نظرنا الى رمال البحر وجدنا النفايات تملؤها، ولو أردنا الجلوس على المقاعد الاسمنتية المقابله للبحر أخذ ينافسنا عليها الذباب الذي يرغب بالمأكولات المرمية عليها وبجانبها. وإذا جاءتنا الرغبة في أن نمتع ناظرينا بالاعشاب البرية نجد أن قطعان الخراف قد مسحتها من الوجود!!

لقد ذهبت أثناء دراستي في الجامعة الى محاضرة ضمن عدة محاضرات يلقيها زملائي من الطلبة والطالبات في مادة الدعاية واقناع الجمهور وهي مادة من مواد قسم الاعلام في جامعة الكويت. كان موضوع المحاضرة عبارة عن عرضا مفصلا لمحمية صباح الأحمد وما تحتويه من حيوانات وطيور ونباتات كانت موجودة بكثرة في الكويت ولكنها أخذت تنقرض تدريجيا. ومن المؤسف أن زيارة هذه المحمية غير متاحة الا للجهات الرسمية.

نحن بحاجة فعلية للاستجمام في هذه الأماكن ومن المفترض أن تكون متوفرة بكثرة لأن البيئة في الكويت ذات طابع متشابة، واذا توافرت العوامل الطبيعية والنظافة في أي مكان فيها فسوف نستطيع أن نرى الاحياء المختلفة التي لم تعد نراها مؤخرا، وبالتالي تبدأ دورة الحياة فيها من جديد.


ان السبب الرئيسي في توافر الحيوانات والزواحف والطيور بالاضافة الى انواع مختلفة من النباتات في محمية صباح الأحمد الطبيعية، هو توفير البيئة الصالحة لهذه المخلوقات، بالاضافة الى منع الصيد والرعي فيها . وفي المقابل نجد الأجواء المشابهة في اماكن مختلفة من البلاد ولكن المشكلة في تمادي الصيادين ورعاة الاغنام بممارسة أنشطتهم مما أدى الى تدهور الحياة البرية. بالاضافة الى الاستهتار واللامبالاة من المواطنين والمقيمين الذين يجولون الشواطئ مما أدى الى تلفها واتساخها.


يقع الحل بيد طرفين رئيسيين، الطرف الأول هوالسلطات المسئولة في المجتمع، حيث يتوجب عليها وضع قانون صارم للنظافة،و تطبيق هذا القانون بكل أمانة وبلا استثناء. كما يجب وضع حدا لعمليات الصيد ((القنص)) والرعي في الصحراء، أو على الأقل وضع تنظيما معينا أوتحديد مواسما لعمليات الصيد والرعي. أما الطرف الآخر فهو المواطن، حيث يجب عليه أن يحسن من عاداته وسلوكياته للمحافظة على نظافة البيئة التي يعيش فيها. وأن تكون لديه درجة من الوعي بأهمية الحياة البرية والبحرية والمحافظة على ما فيها من مخلوقات لكي تزدهي بيئة الكويت من جديد.